البحوث الزراعية يتبنى مشروع معالجة المياه الرمادية خيار استراتيجي لمواجهه الشح
9/8/2020

عمان – خلصت دراسة اجراها المركز الوطني للبحوث الزراعية على نظام “جي أف سي – GFS” إلى أن هذا “النظام قادر على معالجة المياه الرمادية، وإنتاج مياه يمكن استخدامها لغايات الري المقيد”.

وتُعرف المياه الرمادية بتلك الناتجة عن الاستعمالات المنزلية المختلفة، مثل: المغاسل، أحواض الغسيل، الاستحمام، الوضوء، المطابخ، المشارب في ظروف المناطق الجافة.

وبينت الدراسة أن “التربة لم تتأثر سلبًا بالري بالمياه الرمادية المعالجة، كما لوحظ ازدياد انتاجية الحديقة المنزلية، وانخفاض تكلفة نضح الحفرة الامتصاصية، فيما بلغت نسبة الانخفاض بقيمة فاتورة المياه المنزلية بعد ممارسة الري بالمياه الرمادية 35 %”.

ويمر النظام حاليا بإجراءات تسجيله كبراءة اختراع خاصة بـ”البحوث الزراعية” في وزارة الصناعة والتجارة والتموين.

مديرة مديرية البيئة والتغير المناخي في المركز، الدكتورة عبير البلاونة، قالت إن “البحوث الزراعية” يسعى من خلال مجموعة من المشاريع البحثية إلى دراسة كل الجوانب المتعلقة بمعالجة المياه الرمادية واستعمالها، لغايات الري المقيد في الحدائق المنزلية، وإيجاد نظام لمعالجة المياه الرمادية يعتمد على مبادئ المعالجة الطبيعية ويتناسب مع الظروف المناخية الأردنية.

وقالت إن المركز استنبط نظام فلترة في معالجة المياه الرمادية في المناطق الجافة وشبه الجافة، وتصميمه وطرحه كوحدة معالجة طبيعية ومتكاملة للمياه الرمادية المنزلية، بحيث تم إدراج ثلاث مراحل مختلفة للمعالجة ودراسة التوف البركاني والحصى البيضاء كأوساط معالجة طبيعية ومحلية.

وتم تصميم وتنفيذ 6 أنظمة من “GFS”، ثلاثة منها تستخدم التوف البركاني، وثلاثة أخرى تستخدم الحصى ببلدة المشقر/ مادبا.

ولدراسة كفاءة انظمة المعالجة تلك، أوضحت البلاونة أنه تمت مراقبة نوعية المياه الرمادية قبل المعالجة وبعدها بإجراء التحاليل البيولوجية والكيميائية اللازمة على مدار 13 شهرًا، أما المياه الرمادية المعالجة فقد تم استخدامها في الري المقيد للحدائق المنزلية، وتمت مراقبة الآثار البيئية على التربة والنبات المروي بهذه المياه على مدار 3 أعوام.

واعتبرت البلاونة “استخدام المياه غير التقليدية خيارًا استراتيجيًا لمواجهة مشكلة شح المياه، خصوصًا في البلدان التي تتأزم فيها هذه المشكلة كالأردن”، مشيرة إلى أن المياه الرمادية، وهي من المصادر غير التقليدية، تشكل بين 60 % و80 % من المياه المستهلكة منزليًا.

وقال إن المياه الرمادية لا تشمل تلك التي تحتوي على فضلات الإنسان، وتسمى بالمياه السوداء أو المياه العادمة، والتي عادة ما تعالج بمحطات التنقية المركزية أو يتم تصريفها للحفر الامتصاصية.

وبحسب احصاءات وزارة المياه والري، فإن شبكة الصرف الصحي تخدم نحو65 % من بيوت الأردن، وبالتالي فإن المياه العادمة والرمادية تتم معالجتها في محطات التنقية الرئيسة، بينما تستعمل باقي البيوت أو ما نسبته 35 % الحفر الامتصاصية للتخلص من المياه السوداء والرمادية، وغالبًا ما تقع هذه البيوت في المناطق الريفية والنائية.

كما تشير الاحصاءات إلى أن مجموع استهلاك المياه المنزلية في الأردن بلغ العام الماضي 470 مليون متر مكعب، فيما تُقدر المياه التي يتم التخلص منها بواسطة الحفر الامتصاصية بنحو 164 مليون متر مكعب.

ونظرًا لحاجة المناطق الريفية لمصدر ري مستدام، فقد لجأ 4.4 % إلى استخدام المياه الرمادية دون معالجة لري الحديقة المنزلية، بينما تُعد هذه مشكلة بيئية ينتج عنها تلوث للتربة وللمحاصيل المروية بهذه المياه.

وأكدت البلاونة أن خيار معالجة المياه الرمادية وإعادة استخدامها في الري بالمناطق غير المخدومة بشبكة الصرف الصحي هو خيار استراتيجي في ظل ظروف الندرة المائية والتغير المناخي.

وقالت إن معالجة تلك المياه واستخدامها في ري الحديقة المنزلية “يعود بالعديد من الفوائد على المستوى الوطني والفردي، مثل: التقليل من استهلاك المياه العذبة، وتوفير مصدر مستدام من المياه لري الحديقة المنزلية وزيادة انتاجيتها، دعم الأمن الغذائي على المستوى العائلي، إضافة إلى اعتبارها وسيلة من وسائل التأقلم مع التغيرات المناخية”. وأضافت البلاونة أن أنظمة معالجة المياه الرمادية المتاحة حاليًا تعتمد على مبادئ المعالجة الكيميائية، البيويوجية، الفيزيائية والطبيعية، أو استخدام أكثر من مبدأ للمعالجة في النظام نفسه.

ويشترط في نظام معالجة المياه الرمادية، مجموعة من المعايير ليتم اعتباره نظامًا كفؤًا قابلًا للتطبيق، منها: السلامة الصحية، الجدوى الفنية والاقتصادية للنظام، الاعتبارات البيئية، الناحية الجمالية، إمكانية إدارة وتشغيل النظام من قبل الأشخاص المحليين، وأن يكون غير مكلف اقتصاديًا.

وبينت البلاونة، أن الأبحاث العلمية تشير إلى أن “تحقيق هذه الشروط في نظام واحد لمعالجة المياه الرمادية، ما يزال تحديًا عالميًا، خصوصًا في المناطق الجافة وشبه الجافة، وهي التي تعد بحاجة ماسة إلى كل نقطة مياه، وبرغم هذا فإن المياه الرمادية ما تزال تهدر للأسف دون الاستفادة منها”.

عدد المشاهدات: 1467